الوضع المظلم
السبت ٠١ / يونيو / ٢٠٢٤
Logo
  • "الضمانات الأمنية".. العزوف الغربي عن طمأنة موسكو يرفع حرارة المواجهة

روسيا أمريكا

نشرت روسيا يوم 17 ديسمبر الماضي، مشاريع اتفاقات مع الولايات المتحدة والدول الأعضاء في الناتو، تشمل بنوداً حول "ضمانات أمنية" متبادلة في أوروبا، بما في ذلك عدم نشر صواريخ متوسطة وقصيرة المدى في مناطق الوصول إلى أرض الخصم وتخلي الحلف عن مواصلة توسعه، وتقرر إجراء مفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة بشأن المقترحات الروسية في 10 يناير في جنيف، بجانب عقد اجتماع لمجلس روسيا والناتو في بروكسل في 12 يناير، ثم إجراء محادثات بين روسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، في فيينا يوم 13 يناير.

المحادثات الروسية الغربية، هي على خلفية اتهامات مستمرة من قبل أعضاء الناتو والسلطات في كييف حول حشد روسيا لقواتها قرب حدود أوكرانيا وتحذيرات متكررة من قبل الحلف من شن موسكو "أي عدوان جديد" على الأراضي الأوكرانية، فيما تطالب موسكو الغرب بتقديم ضمانات قانونية ملزمة لتخليهم عن فكرة توسع الناتو شرقا وضم أوكرانيا إلى الحلف وإنشاء قواعد عسكرية في الجمهوريات السوفيتية السابقة.

اجتماع طارئ للناتو

وعليه، عقد وزراء خارجية الناتو في السابع من يناير، اجتماعاً طارئاً لمناقشة المتطلبات الأمنية لروسيا، في محاولة للتوصل إلى موقف مشترك، وأشار الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، إلى أنه يريد أن يناقش في الاجتماع القضايا المتعلقة بأمن أوروبا "ولا سيما الوضع في أوكرانيا وما حولها"، ودعا وزراء خارجية الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي إلى "الدبلوماسية والحوار وخفض التصعيد" في العلاقات مع روسيا، وقالت البعثة الأمريكية لدى الناتو، في تغريدة نشرتها إنهم "أكدوا الوحدة رداً على العدوان الروسي ضد أوكرانيا".

اقرأ أيضاً: أمريكا تطلب تغيير مدار محطة الفضاء الدولية.. روسيا تطلق أقماراً عسكرية

لكن تلك الاجتماعات والتصريحات الصادرة عن المشاركين فيها، لم تشجع موسكو كثيراً، إذ قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغى ريابكوف في التاسع من يناير، إن توقعات بلاده بشأن المحادثات الروسية - الأمريكية بجنيف واقعية، وأن موسكو ليست متفائلة بعد سماع تصريحات واشنطن وبروكسل الأخيرة، كذلك لم يستبعد ريابكوف أن يقتصر الحوار مع الولايات المتحدة في جنيف حول الضمانات الأمنية على اجتماع واحد، ما لم تظهر الولايات المتحدة رغبة في مناقشة مخاوف موسكو.

مفاوضات مع أمريكا

ورغم ذلك، فقد حط الوفد الروسي في جنيف، في التاسع من يناير، للمشاركة في المفاوضات الروسية الأمريكية حول الضمانات الأمنية، فيما أكد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أن الولايات المتحدة وروسيا يمكنهما تحقيق تقدم بشأن قضايا أمنية تهم كلا الطرفين، بينما اعتبر الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبيرغ، أن خطر اندلاع نزاع بين الحلف وروسيا لا يزال قائماً، لكن ثمة إمكانية لتحقيق حل سياسي للخلافات العالقة بين الطرفين.

فيما أكد مفوض الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية، جوزيب بوريل، أن على الاتحاد خوض حوار مع روسيا وردعها في آن واحد، محذراً موسكو من "تبعات خطيرة" في حال مهاجمتها أوكرانيا، لتختتم في العاشر من يناير، جولة المفاوضات الروسية الأمريكية في جنيف، التي استمرت نحو 7.5 ساعة، وجرت خلف الأبواب المغلقة في مقر بعثة الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً: روسيا تستعد لغزو شامل لأوكرانيا.. كييف تسقط خلال 48 ساعة

وأعلنت روسيا أنها أجرت مفاوضات "صعبة ومهنية" مع الولايات المتحدة حول ملف الضمانات الأمنية، مشددة على أنها أوضحت للطرف الأمريكي ضرورة عدم توسع الناتو، وذكرت أن هناك "قاعدة للاتفاق"، وأكد سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أن بلاده تشعر بالقلق بسبب احتمال إقدام السلطات الأوكرانية على استفزازات متعمدة قد تزيد من مخاطر اندلاع مواجهة في المنطقة.

بينما رحبت الرئاسة الأوكرانية بـ"جهود" القوى الغربية وروسيا الرامية إلى خفض حدة التوتر بشأن أوكرانيا في إطار سلسلة من المحادثات، مع تأكيد وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا، أن الدول الغربية لن تعطي ضمانات ملزمة قانوناً لروسيا بتخلي حلف الناتو عن التوسع شرقاً.

مفاوضات مع الناتو

ثم انطلقت في العاصمة البلجيكية بروكسل في الثاني عشر من يناير، جلسة مفاوضات بين روسيا وحلف الناتو بغية مناقشة مقترحات موسكو حول الضمانات الأمنية، حيث اعتبرت وزارة الدفاع الروسية أن العلاقات بين روسيا والناتو هبطت إلى مستوى منخفض لدرجة حرجة، متهمة الحلف بتجاهل مبادراتها لتخفيف التوتر "ما يثير بوادر لنشوب نزاعات"، بينما أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، إن سلسلة المفاوضات التي جرت مع الولايات المتحدة والناتو، حول الضمانات الأمنية لروسيا، لم تكن ناجحة.

مشيراً إلى أنه خلال المشاورات في جنيف وبروكسل بين روسيا من جهة والولايات المتحدة والناتو من جهة أخرى، حول القضايا الأساسية، تم تسجيل وجود خلافات، وهذا أمر سيء، فيما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو تتوقع أن يسلم الغرب إليها اقتراحاته بشأن مبادرتها بخصوص الضمانات الأمنية في غضون أسبوع، بينما أعلن السفير الروسي لدى واشنطن أناتولي أنطونوف أن روسيا ستبت في مواصلة حوارها مع الولايات المتحدة والناتو بعد تلقيها جواباً مكتوباً على مقترحاتها للضمانات الأمنية، مؤكداً أن التوسع المحتمل لحلف الناتو شرقا، يمثل أحد أخطر التهديدات للأمن القومي الروسي.

اقرأ أيضاً: روسيا تستعد لغزو شامل لأوكرانيا.. كييف تسقط خلال 48 ساعة

في حين رفض حلف شمال الأطلسي مطلب روسيا بسحب القوات الأجنبية التابعة له من بلغاريا ورومانيا، مندداً بمبدأ إقامة دوائر نفوذ في أوروبا، وقالت المتحدثة باسم الناتو، أوانا لونجيسكو، في الواحد والعشرين من يناير: "إن حلف شمال الأطلسي يبقى متيقظاً ويواصل تقييم ضرورة تعزيز الحد الشرقي لتحالفنا"، أما وزارة الخارجية الأمريكية، فقد أكدت أن واشنطن تأخذ بعين الاعتبار رأي الدول الأوروبية أثناء تحضير الرد على المقترحات الروسية حول الضمانات الأمنية في أوروبا.

وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن بلاده سترسل رداً مكتوباً على مقترحات روسيا بشأن الضمانات الأمنية، وستنتظر جواب موسكو، بينما أكد الأمين العام للناتو ينس ستولتنبيرغ، على عزم الحلف تسليم رد نصي لموسكو، على مقترحاتها بشأن ضمانات الأمن، بالتزامن مع تسليم واشنطن ردها لروسيا.

الردّ المكتوب

وفي السادس والعشرين من يناير، أكدت وزارة الخارجية الروسية أن السفير الأمريكي لدى موسكو، جون ساليفان، سلمها رد الولايات المتحدة الخطي على المقترحات الأمنية التي تقدمت بها روسيا، وأعربت موسكو، عن تشاؤمها إزاء رد الولايات المتحدة وحلف الناتو، موضحة أنهما لم يتجاوبا مع مباعث القلق الرئيسية للجانب الروسي.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في أول تعليق من موسكو على رد الولايات المتحدة الخطي على مبادرة الضمانات الأمنية: "لا تضم أي رد إيجابي بشأن المسألة الرئيسة"، وهي طلب موسكو بوقف استمرار تمدد حلف الناتو شرقا ونشر منظومات هجومية من شأنها أن تشكل خطراً على أراضي روسيا.

اقرأ أيضاً: قاذفات روسية بعيدة المدى تحلّق فوق بيلاروسيا

في وقتاً قالت فيه وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، في الأول من فبراير الجاري، أن الولايات المتحدة تلقت "رداً مكتوباً" من موسكو على مقترحاتها بخصوص الضمانات الأمنية في أوروبا وحول الأزمة الأوكرانية، فيما سربت صحيفة "إل باييس" الإسبانية في الثاني من فبراير، النص الكامل لرد الولايات المتحدة وحلف الناتو على مبادرة الضمانات الأمنية التي تقدمت بها روسيا إليهما في منتصف ديسمبر الماضي.

وثائق مسربة

وعرضت وثيقتان باللغة الإنجليزية تضم إحداهما (المؤلف من خمس صفحات) الرد الخطي على المبادرة الروسية من قبل الولايات المتحدة، والآخر (المؤلف من أربع صفحات) رد الناتو، وضمت الوثيقتان أساساً أفكاراً سبق أن جاءت على لسان مسؤولين غربيين، أو وردت في وسائل إعلام نقلاً عن مصادر رسمية، منها رفض طلب موسكو بوقف تمدد حلف شمال الأطلسي شرقاً، مع التأكيد على التزام الحلف بـ"سياسة الأبواب المفتوحة"، وقد أكد المتحدث باسم "البنتاغون" جون كيربي صحة ما سرّب.

اقرأ أيضاً: بوريل: روسيا متحضّرة للصمود أمام العقوبات الاقتصادية

نتيجة ليست على هوى روسيا بكل تأكيد، وهو ما رفع حرارة المواجهة في شرق أوروبا، في ظل التحشيد المتواصل للطرفين الروسي والغربي، حيث كان ممكناً للضمانات الأمنية من أن تخفف حدة التصعيد، أما وقد فشلت موسكو في الحصول عليها، فإن احتمالات المواجهة الفعلية هي أكثر مما كانت عليه قبل المباحثات مع الأمريكيين والناتو.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!